انتشرت الشائعات وأخبار الإعدامات والتصفية في سوريا على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي عقب سقوط النظام السوري، ما أثار حالة من الفوضى، وسط إطلاق دعوات للتحقق من صحة أي خبر أو مقطع مصوّر قبل تداوله.
وروّجت حسابات مؤيدة للنظام إشاعات حول اغتيال علماء نوويين واستهداف مقاتلي المعارضة السورية للأقليات وعناصر جيش النظام السابق، بهدف خلق حالة من الفوضى في البلاد، وتصوير المعارضة على أنها منظمات “إرهابية” أمام الشعب السوري والمجتمع الدولي.
من بين الأسماء التي تم تداولها على أنها علماء مغتالون: الدكتورة شادية حبال، وحمدي إسماعيل، وزهرة الحمصية. إلا أن ناشطين سوريين أكدوا أن شادية حبال هي عالمة فضاء سورية أميركية تقيم خارج سوريا منذ 12 عاماً، وأن “حمدي إسماعيل” و”زهرة الحمصية” أسماء وهمية لا وجود لها.
كما نشرت حسابات أخرى، خاصة على منصة “إكس”، مقاطع مصورة زعمت أنها توثّق إعدامات يقوم بها مقاتلون من المعارضة المسلحة لعناصر من جيش النظام المخلوع والأقليات “العلوية والكردية والمسيحية”.
على سبيل المثال، تداولت بعض الحسابات مقطع فيديو صادم يُظهر مقاتلين يقتادون مدنيين بالقوة نحو حفرة ليتم إعدامهم بدم بارد. لكن المقطع، في الحقيقة، يعود إلى مجزرة نفّذها جنود من قوات نظام بشار الأسد عام 2013 في حي التضامن بدمشق.
كما تداولت حسابات أخرى مشهداً لإعدام رجل في ساحة عامة، زُعم أنه سليمان هلال الأسد، ابن عم الرئيس السوري المخلوع. إلا أن الفيديو الأصلي، المنشور في 7 كانون الأول على فيس بوك، يظهر إعدام شاب يدعى عمار الأسعد، وذلك بعد محاكمة محلية بتهمة قتل الحاج علي بالتعاون مع زوجته.
التضليل ومخاطر مستقبلية على العدالة في سوريا
في ظل تداول هذه المقاطع من دون التحقق من صحتها، دعا ناشطون سوريون إلى عدم تداول هذه المقاطع قبل التأكد منها، ومنهم الدكتور نايل حريري، الذي قال إن هذه الممارسات تُعيق جهود تحقيق العدالة في سوريا.
وأوضح أن المناخ الغاضب الناتج عن انتشار هذه المقاطع يدفع شهوداً محتملين، بينهم موظفون سابقون في النظام، إلى التراجع عن تقديم شهاداتهم، رغم امتلاكهم معلومات حساسة قد تُسهم في توثيق جرائم النظام.
وأكد على ضرورة التفكير بعقلانية وبنظرة بعيدة المدى بعيداً عن التحريض العاطفي، لافتاً إلى أن الكراهية والتسرع والظلم يشكّلون أعداءً إضافيين يجب الحذر منهم.
وختم على أن تحقيق العدالة يتطلب التركيز على جمع الأدلة والشهادات بدقة، بعيداً عن الانفعال، الذي قد يُضيّع فرصاً حاسمة للسوريين في معركتهم ضد نظام تسبب بمآسي لعقود طويلة.